من هو الشيخ رائد صلاح ؟ ولماذا يُلقَّب بشيخ الأقصى؟

by admin
2406 views

يُعدُّ الشيخ رائد صلاح من أكثر الشخصيَّات الفلسطينيَّة شُهْرةً في مواجهة السياسات والاعتداءات الصهيونيَّة، وفضْحِ مؤامرات تهويد القدس والمسجد الأقصى؛ فهو صاحبُ باعٍ طويلٍ في ميْدان الدِّفاع عن المقدَّسات والأوقاف الإسلاميَّة في فلسطين المحتلة، وخاصَّة المسجد الأقصى المبارك، حتى صار يُلقَّب بشيخ الأقصى، ونظرًا لجُهده وجهاده في الدِّفاع عن الأقصى نال الشيخ جائزة الملك فيصل لعام 2013م.

 

المولد والنَّشأة:

وُلد الشيخ رائد صلاح عام 1958 في أسرة “أبو شقرة” بمدينة أمِّ الفحم شمال فلسطين، لأسرة فلسطينية رفضت التهجير إثر احتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948م، أتمَّ تعليمه حتى المرحلة الثانوية في مدارس أم الفحم، ثمَّ حصل على درة البكالوريوس  في تخصص الشريعة الإسلامية، من جامعة الخليل الإسلاميَّة.

بدأ الشيخ صلاح نشاطه الإسلامي مبكرًا، حيث تبنَّى فكر جماعة “الإخوان المسلمين”، ونشط في مجال الدعوة داخل فلسطين المحتلة عام 1948.

النشاط السياسي:

كان الشيخ رائد من مؤسسي الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل (أراضي 1948م) في بداية السبعينيات، وغدا من كبار قادتها، ورئيسًا للجناح الشمالي منذ عام 1996م.

وقد تولَّى الشيخ رئاسة بلديَّة أم الفحم ثلاث مرات، وفي عام 2000م استقال من منصبه؛ للتفرغ لرئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، وهي هيئة أهليَّة تهدف للحفاظ على المسجد الأقصى.

 

الدفاع عن الأقصى

يعدُّ الشيخ من أبرز المدافعين عن الأقصى، وقد اشتهر بدوره في كشف الحفريَّات التي يقوم بها الاحتلال تحت الأقصى وغيرها من مخاطر تُحيط بالأقصى، فضلًا عن المواجهة العمليَّة لها؛ فكان له ولإخوانه دوْرٌ بارزٌ في إعمار المُصلَّى المرواني، وفتح بوَّاباته وحمايته من المصادرة، وكذلك إعمار مصلى الأقصى القديم وتنظيف ساحاته وإضاءتها، وإقامة وحدات مراحيض ووضوء في باب حطة والأسباط وفيصل والمجلس.

وعملوا أيضًا على مشروع مسيرة البيارق؛ لتسهيل جلب المواطنين إلى المسجد الأقصى، وهو ما أدى إلى إفشال مخطَّطات إفراغ الأقصى من المسلمين، وشارك مع إخوانه في إحياء دروس العلم على المصاطب التاريخيَّة في المسجد الأقصى، كما أسهم في إنشاء مشروع صندوق طفل الأقصى الذي يهتمُّ برعاية نحو 16 ألف طفل، وتنظيم المسابقة العالميَّة “بيت المقدس في خطر”، وغيرها من البرامج التي هدفت إلى إحياء قضيَّة الأقصى وتفعيل دور الفلسطينيِّين في الداخل للحفاظ عليه؛ مثل مهرجانات  “الأقصى في خطر” ، وقد ساعد أيضًا في إصدار عدَّة أفلام وثائقيَّة وكتبٍ عن المسجد الأقصى المبارك؛ ومنها “المرابطون”، وكتاب “دليل أولى القبلتين”، وشريط “الأقصى المبارك تحت الحصار”. مما جعله عرضة لبطش الاحتلال ومضايقاته بدءًا من المنع من السَّفر وحِرْمانِه من الدُّخول إلى الأقصى، وصولًا لاعتقاله ومحاولة اغتياله.

استهداف الاحتلال له:

في العام 1981م اعتقل الاحتلال الصهيونيُّ الشيخَ صلاح بتهمة الارتباط مع منظمة محظورة وهي “أسرة الجهاد” وبعد خروجه من السجن فُرضت عليه الإقامة الجبريَّة.

وفي عام 2000م تعرَّض لمحاولة اغتيال في الأيام الأولى من  انتفاضةالأقصى، وأصيب بعيار ناريٍّ في الرأس.

وفي عام 2002م رفضت محكمة  العدل العليا للاحتلال التماسًا تقدم به الشيخ رائد صلاح؛ لإلغاء أمر أصدره وزير الداخلية يُمنع بموجبه من مغادرة البلاد، وقرَّرت الهيئة القضائيَّة في حينِه أنَّ الأمن العام يتغلَّب بأهميَّته على مبدأ حريَّة التنقل والحركة.

وفي العام التالي 2003م اعتقله الاحتلال مجددًا، بزعم أنَّه قام بِتبْيِيض أموالٍ لحسابِ حركة “حماس” في مجال الدِّفاع عن المقدَّسات والأوقاف الإسلاميَّة وخاصة المسجد الأقصى المبارك.

ومع ذلك، استمرَّ الشيخ في الدفاع عن المقدسات الإسلاميَّة، حتى تمَّ مَنْعُه من دخول مدينة القدس عام 2009، ثم أصدرت المحكمة الإسرائيليَّة بعدها بعام قرارًا بسجنه تسعة أشهر، فكان ردُّه: “إنَّنا سوف نُدافع عن المسجد الأقصى حتى من داخل السجون “.

وفي 31  مايو 2010م شارك الشيخ رائد صلاح في أسطول الحريَّة الهادف لفك الحصار عن قطاع غزة؛ حيث تعَرَّض الأسطولُ لعمليَّة قرصنةٍ بحريَّةٍ في المياه الدوليَّة من السفن الحربيَّة الإسرائيليَّة؛ فاستُشهد تسعة من النُّشطاء، وأُصيب أكثر من 38 آخرين، وقد تمَّ اعتقاله بعد محاولة اغتياله بعد اقتياد الاحتلال للأسطول قسرًا إلى ميناء أسدود 

وضمن حملة العدو لاستهداف الأقصى وحركة الرباط فيه، حظرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحركة الإسلامية التي يرأسها الشيخ صلاح، في نوفمبر 2015، بدعوى ممارستها لأنشطة تحريضية ضد “إسرائيل”، وذلك لأنها تعد رافدا أساسيا في إعمار الأقصى وحمايته.

وفي عام 2016 حكم على الشيخ بالسجن لمدة (9) أشهر، في قضية عرفت باسم “وادي الجوز“، التي بدأت عام 2007 بعد إلقاء خطبة الجمعة في حي وادي الجوز في القدس المحتلة، إثر منع قوات الاحتلال المصلين من دخول المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، وعمليات الهدم التي طالت باب المغاربة المؤدي للمسجد الأقصى المبارك في 6 فبراير/شباط 2007م.

وقد توجَّه الشيخ رائد صلاح للسِّجن برفقة موكب شعبي، حيث رافقته الجماهير الغفيرة من مدينة أم الفحم  إلى السجن، في حين قال الشيخ قبل دخوله السجن: “هذه ليست لحظات وداع، بل هي تجديد عهد وبيعة لثوابتنا ومبادئنا العروبية والفلسطينية، وفرحتنا الكبرى ستكون بزوال الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك”.

وفي 17 يناير 2016، تم إخلاء سبيل الشيخ رائد صلاح بعد اعتقاله 9 أشهر، غير أنَّه خضع لقيودٍ على حركته، ومن ضمن ذلك المنع من السفر، والمنع من دخول مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، قبل أن يُعتقل مُجدَّدًا.

وبعد انتصار المقدسيين في هبَّة باب الأسباط وإجبار الصهاينة على تفكيك البوابات الإلكترونية، أرادت “إسرائيل” الانتقام من قادة الهبَّة ورموزِها، فقامت  يوم 15 أغسطس/2017 باعتقال الشيخ صلاح من منزله في مدينة أم الفحم، واقتادته للتحقيق، ثم مددت اعتقاله المحكمة مرات عدة، وقررت الإبقاء على اعتقاله حتى انتهاء الإجراءات ضده، وفي 15/2/2018 مدَّدت محكمة الاحتلال المركزية اعتقاله انفراديًّا، لمدة 6 أشهر، بناء على طلب من سلطة السجون.

وعن محاكمته هذه، قال محاميه خالد زبارقة: “الشيخ رائد مُنع من التصريح الإعلامي، ولكنه واجه قرار المحكمة بابتسامة ساخرة وعندما خرج من قاعة المحكمة رفع سَبَّابَتُه وقال: عليكم بالثوابت”.

ويبقى الشيخ رائد صلاح -الذي لطالما صرخ مُذكِّرًا الأمةَ بأنَّ “الأقصى في خطر”- رائد الدفاع عن القدس، وحامي المسجد الأقصى المبارك. 

Related Articles