أجاب عنه : د.شريف أبو شمالة
الإسراء والمعراج معجزتان أجراهما الله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والإسراء ابتدأ من مكّة وانتهى إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، كما نصّ على ذلك القرآن الكريم، والمعراج كان من المسجد الأقصى إلى السماء مُعجزة أثبتَتْها السُّنة. وهي الرحلة التي خلدها القرآن الكريم في مطلع سورة الإسراء، قال الله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ” (للمزيد عن الإسراء والمعراج اضغط هنا).
ويمكن لنا أن نتلمس بعض وجوه الحكمة، من جمع الأنبياء في المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج مستأنسين بالأحاديث والآثار التي وردت في الموضوع بالشكل التالي:
1) إن اختيار المسجد الأقصى المبارك مكانا لاجتماع الأنبياء عليهم السلام بإمامة النبي صلى الله عليه وسلم إشارة واضحة على علو مكانته وفضله، فهو الموضع الوحيد في الدنيا الذي تحققت له فضيلة اجتماع جميع الأنبياء فيه، وفي هذا تشريف عظيم للأقصى من الله عز وجل. فكان اجتماعهم في الأقصى أعظم مؤتمر عرفته البشرية، فالحضور هم خيرة خلق الله والصفوة من عباده الذين ائتمنهم على رسالته وبعثهم أنبياء ورسلا لأقوامهم.
2) يعد جمع الأنبياء جميعهم على اختلاف أزمانهم وأوطانهم وأعراقهم وأقوامهم في المسجد الأقصى، دليل على أنه مسجد الأمة المسلمة جمعاء، وهي إشارة لنا في الوقت الحالي أن مسئولية تحريره ليست مسئولية عرق دون آخر، أو جنسية دون أخرى أو قومية دون أخرى، بل هي مسئولية جميع المسلمين.
3) يعد إسراء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، الذي كان واقعا تحت الاحتلال البيزنطي آنذاك، فتحا معنويا وروحيا للمسجد الأقصى بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه جميع الأنبياء، وهي كذلك بشارة بقرب تحريره، وهو ما حدث فعلا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام 16هـ/637م.
هذا ما فتح الله به علينا من دلالات جمع الأنبياء في الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، ويبقى هناك أسرار أخرى يمكن تلمسها بإنعام النظر وإدامة التفكر، والله تعالى أعلى وأعلم.